الجمعة، 19 أغسطس 2011

حكاية الدائر بني مالك..!! من أروع حكاياتي


أحببت أن أحكي لكم اليوم حكاية عن أرض إلتحفت تربها، وتنسمت هوائها ،وظللتني سماؤها وتربيت على أكنافها في صغري ،فنشأت بداخلي قبل أن أنشأ عليها، وسكنت بقلبي قبل أن أسكن عليها
ولا زال نسيمها يجري في دمي
رحلت عنها ليس خياري،ولو خيروني ما اخترت سواها وطنا

مدخل:
ما إن تعبر محافظة جازان بالمملكه العربيه السعوديه متجها إلى الجنوب نحو "صبيا" ثم إلى "أبو عريش" ُثم "عيبان" و "العيدابي" إلا ويراودك شعوربإن الطريق قد إنتهى
لكن الطريق لآيزال يمشي متعرجا بين جبال ضخمه  ويواصل مسيرته حتى يبدأ الخوف في التسلل إلى دواخلك إلى أين أمضي؟؟!! قد أصل اليمن بعد ثواني معدوده !! فليس من المعقول أن أجد أرضا يعيش عليها الناس بعد هذه الجبال المخيفه !!!
ولا أبالغ أن قلت لكم أن بعضا من هذه الجبال قد غلف بأسلاك من قمته إلى قاعدته حتى لا تتدحرج الصخور على الماره في الطريق والذي يشق الجبال شقا..

                                   وبعد أن تتـــــــشبع خوفا        
                                          تطل عليك             
                         


                               الدائر بني مالك
                                      
                                       مرحبه بقدومك




بعد أن خلا الطريق واستوحش فعلى يمينك مباشره تجد استراحه "الدُره" ممتده على مساحـــه شاسعه وبعد التوغل  إلى داخل الدائر تبدأ العمارات والمباني بالظهور ثم المدارس والسوق والمارَه وتتجدد الحركه حتى تنسيك الطريق الذي وصلت به إليهم
الدائر بني مالك
أرض دخلتها في السادسه وودعتها في الثالث عشره وليتني لم أفعل
فقد إغتربت بعدها من جديد
سأحكي لكم عن الدائر من جوانب مختلفه:


فموقعها كما أسلفت في جنوب المملكه على بعد 150 كيلو مترا من محافظة جازان
وسميت بالدائر لأن الجبال الشاهقه تحيط بها كالدائره

وستعجبون إن قلت لكم أن سكان الدائر يفضلون السكنى على قمم الجبال عن السكنى على أرض الدائر  وستعجبون أكثر حين تعلمون أن على هذه القمم عمارات رائعه ومنازل جميله البنيان ومدارس ومستشفيات


 وأن الطرق معبده تشق الجبال حتى تصل بالسكان إلى منازلهم





ولكل جبل إسم خاص يطلق على سكانه فنجد جبل طلآن وجبل خاشر وآل علي وفيفا وآل قطيل
إذن ثمة فيفين (سكان فيفا) وقطيلين (سكان آل قطيل ) وكبيشيين (سكان خاشر) وهكذا تتنوع الأجناس ...

وأرض الدائر تجمع الكثير من مختلف هذه الأجناس وهم الذين رحلوا عن الجبال وسكنوا بالإسفل لظروف العمل ولكنهم لا ولن يتخلوا عن سكنى الجبل فنجدهم لا زالوا يحتفظون بمنازلهم فيها ومزارعهم عليها
وكيف لا وعلى هذه الجبال مناظر خلابه فتجد المدرجات تنحدر على الجبل وما يثير الدهشه هنا أن لكل مدرج صاحب يقوم بزراعة ما يحب فيه(كيف يعرف مدرجه من بين كل المدرجات!!!!!؟؟ الله أعلم)


ومن أكثر ما يسحر الأعين منظر الدائر حين يسود الليل وعلى قمم الجبال أضواء من نوافذ المنازل يحسبها الرائي لأول مره نجوم تناثرت في كبد السماء..


أما عن أجواء الدائر فلها جو مميز لم أعشه في أي مكان آخر
ولا زلت أذكربعد صلاة العصر حين تبدأ الصواعق .والرعد يزلزل المكان وتهطل الأمطار بكل غزاره مع حبات البرد الصغيره فنتسابق لجمهعا في إناء ثم "نقرمشها" كنت أتفكر في نفسي كيف ان هذه الكره هي ماء طاهر من السماء مباشره !!
وأذكر أن المصلين في المسجد كانوا يجمعون صلاة المغرب والعشاء إذ تلح عليهم المطر


كما يعلق في ذهني منظر الضباب الأبيض الذي يغطي السماء والذي لم أكن أتوقع أن أراه عن قرب في مكان غير الطائره لكنني واجهته بنفسي و لم أنسى حين وقفنا  ذات مساء على قمة جبل ونحن نرقب الضباب المتسلل في خفة إلينا 
وحين إقترب منا كنا نحاول صدَه لكنه مرَ من خلالنا برقَه وكأن شيئا لم يكن


وإليكم منظر الضباب الرائع








من هم أهل الدائر؟؟
أهل الدائر ومنذ أن جاورناهم جاورنا الصفاء والنقاء والعزة والكرم والفخر  فهم قوم لهم قلوب لم تشبها شائبه , قوم تحلوا بأخلاق رائعه واستفردوا بها
أجزم صادقه إني إن تحدثت عن جميل صفاتهم وطيـــــب معشرهم سيطول حديثي وكل ما أستطيع قوله أنهم كانوا إخوه بل أكبر مقاما
ورب أخ لك لم تلده أمك



أما عن الزي الذي يميز سكان الدائر عن غيرهم من القبائل
فقد لا تكاد ترى سوى الثوب السعودي والغتره والعقال بالنسبه للرجال
أما النساء فالعبائه السوداء التي تغطي من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين ولا تكشف حتى العينين.ومع ذالك فإن لسكان الدائر زيهم المميز الذي لم يتخلى عنه كبار السن ولا حتى الشباب في بعض الأحيان وهو القميص وإم فوطه (الفوطه) للرجال ولا ننسى الحزام الذي يربط في الوسط وأهم غرض له هو ربط الخنجر في وسطه (ونلاحظ تقارب هذا الزي بالزي اليمني للتقارب في المكان)
أما بالنسبة للنساء فإم سدره وإم فوطه(السدره والفوطه) 


 وأهم من ذالك إم عجاوه!!!
ـ أبشركم يا أهل الدائر أنني لا زلت أذكر مصطلح إم عجاوه!!
وإم عجاوه هذه هي شبيهه بالعقال كما توضع على الرأس أيضا ولكنها منسوجه بنبات خاص وبعد لبسها تدخل فيها بعض الورود على الجوانب...
وما أجمل التزيين بالطبيعه!!!
نخلص إلى أن زي أهل الدائر له صلة كبرى بطبيعه المكان الذي يقطنونه
فالخنجر قد يكون ذا علاقه بالصيد سابقا
والورود وإم عجاوه كلها زينه تنم عن جمال الطبيعه وسحرها وليس كما إنتشر اليوم من علب المكياج وأدوات الزينه المصنعه التي لا تزيد الجمال بل تنقص...


 لهجة أهل الدائر بني مالك:
 يتحدث أهل الدائر بلهجه لا يستطيع فهمها أحد سواهم
ولكنها عربية فصيحة الأصل تذكرني بالأشعار العربيه القديمه التي لا تكاد تقرأ فضلا" عن أن تنطق!
ولي مع هذه اللهجه موقف طريف
أذكر عند بداية حياتي الدراسيه وأنا في الصف الأول الإبتدائي جائت إلي إحداهم تتحدث معي وأنا أجهل تماما ما تقوله فكنت أجيبها ب "نعم" في كل شي تقوله

ولكن لم أكن في حاجة للكثير من الوقت كي أتحدث بلهجتهم نضرا" لصغر سني وكثرة إختلاطي معهم فأصبحت أجيد اللهجه وأتحدث يها بطلاقة أهلها  ... ولا زلت
فقد كانت لهجتي الأم خلال كل تلك الفتره الرائعه التي قضيتها هناك..

معبر:
أهل الدائر قوم أخيار ولا زلت أحتفظ برأيي بأن الدائر هي أنسب مكان لتربيه النفس والنشوء نشأة سليمه وأسأذكر لكم ما يؤيد رأيي من النماذج
ـ أذكر مرة وأنا في طريقي بصحبة جيراننا وجدنا شريطا عليه غلاف يبدو وكأنه شريط غناء  !!
ولا أستطيع أن أصف لكم مقدار التعجب والدهشه والخوف الذي دخل قلوبنا فقد كانت أول مرة نرى فيها شريط غناء
ولا زلت أعجب كيف تسرَب ذالك الشريط إلى أرض الدائر التي تربأ بنفسها عن تسويق  الغناء والأفلام وكل ما يغضب الرحمن
رحم الله تلك الأيام التي لم تصادف فيها أذني صوت عزف ولا موسيقى  على عكس ما إنتشر في الآونة الأخيره في كثير من المناطق ..إكتظت فيها الأسواق بصور الممثلين والمغنين وأشرطة اللهو والطرب
حفظك الله يا أيها الدائر من كل سوء وفتنه

ـ نموذج آخرلإمرأة أميه من نساء الدائرلا تجيد كتابة إسمها
أتدرون ما صنعت؟؟
لقد حفظت كتاب الله

حفظته كاملا
وما أعجب له همتها العاليه حيث كنا نلتقيها بدار التحفيظ وكنا حينها صغارا نهوى اللعب فكانت تشري لنا الحلوى حتى نتخلى عن اللعب ونراجع لها ماحفظته
فيا سبحان الله ويا عجبا لمن تخرج من الجامعه أو المدرسه يجيد القراءه والكتابه ويستصعب حفظ القران!!!!
ولا زال الكثير من النساء في الدائر يحذون حذوها ويسلكون دربها ..فهم وإن فاتهم حظ التعليم في المدارس لن يفتهم حظ تعلم القران في الحلقات التي يداومون عليها بعد صلاة العصر في دار تحفيظ القران كل يوم ليعودوا قبيل المغرب 
لله درها من أيام !


مخرج:
قبل أن أعرج على الختام أود أن أرسل لأهل الدائر رسالة خاصه أخطها على




أتمنى أن تحملها إليهم الريح الجنوبيه قبل الشبكة العنكبوتيه
وأقول لهم بلهجتهم
(إييييي وأهل إم داير قسم بالله ق أنويت لجم عدااااااا  ونفسي أردع للم حبيل ولم حلقه ولم مدرسه
والله جننا أيام ما مثلها شي!!
إييي عويني والله الغظيم ذلحين سأهيش إم جامعه وآتي مابو مشاغبه في إم فصل ولعب ...
وأنتم جيفا أخبارجم ؟؟
كتبت لجم وما دريت يمكن في يومن من الأيام تصلجم رسالتي  ولا تنسون ترسلون لي بعيشه ومرقه ق أنويت للم كوعيب وللم كبسه خاصة كبسة لقمان!!
وإن شالله نلتقي مره ثانيه وبا الله علجم إدعولي ف صلاتجم وحل قأنتم تهيشون الحرم
ودعتجم الله !
تبلغوا الــــــسلام)