الخميس، 29 مارس 2012

إنها لا تعمى الأبصار ....



كعادتي أن أتشبث بعبائة أمي عند خروجها لأي مكان ... فقد ساقني القدر أن أذهب معها إلى مركز لإختبار حفظة كتاب الله في مكان بعيد عن منطقتنا .. كنت حينها صغيرة لاهم لي سوى كثرة الحركه والنظر ..
كل من حولي يعيشون لحظات من التوتر وبين أيديهم كتاب الله .. أسمع تلاوتهم كدوي النحل هنا وهناك ...
إلا هي !!! لم أسمع لها صوتا .. 
أدخلتها معلمتها بهدوء ...جلست في مقعد أمام مقعدي .. لا أظن أن سنها يتجاوز ال 16 عاما إن لم يكن 13
تصويب نظري عليها لم يكلفها ولو نظرة واحدة بإتجاهي ...
... عجيبة حقا !!!
توقفت كل مشغاباتي التي كنت أنثرها يمنة ويسره .. فقد إنتابتني رهبة من موقف تلك الفتاه .. أصبحت أحس بألم وخشيه وأحيانا ينتابني التعجب والإستغراب .. في الواقع ,,, لم يكن شعوري وحدي .. بل كل مشاعر الحاضرين اضطربت ...
سمعت معلمتها تتحدث مع المعلمات بالخارج وعلى ما يبدو أنها إستأذنت لتك الفتاة بالدخول إلى لجنة الإختبار كأول حافظة لكتاب الله ....
ثم قطع الصمت دخول معلمتها مسرعه .. أمسكت بيدها .. و
ياااا إلهي
 إنها لا تبصر !!!

أدخلوها قاعة الإمتحان وأدخلوني زنزانة التفكير القاتله ... 
عيان لا ترى بهما النور ...
كتاب الله تحفظه كاملا وبثقة كبرى تجعلها الأولى في الدخول إلى لجنة الإمتحان ...
أصغرهم سنا ... 
.... بعد وقت قصير ....
خرجت الفتاه وكأن شيئا لم يكن ...
بادرتها معلمتها بالتباريك والتساؤلات ...
ثم أدخلتها إلى مكتب الإداره حيث الهاتف لتتصل على والدتها ...
لا زلت أذكر تجمع الحاضرين عند الباب رغبة منهم في سماعه حديثها ...
اضطربت القلوب قبل العيون .. عندما أدهشت ذالك الجمع وهي تصف لوالدتها مواضع الأسئله ..
بداية الصفحه الثانيه من سورة الجن ... و...و .... و.....
لقد كانت تتحدث وكأنها ترى المصحف أمام ناظريها ..
بل ..
لا أتوقع من مبصر أن يتقن مواضع الأسئله كما أتقنتها .....
سبحان الخالق ...
غادرت المكان ممكسة بكف معلمتها ... وظل اليوم بعدها طويل جدا ..
كل من يدخل تلك اللجنه يستغرق من الزمن متسعا  ...
انتظرنا بعد ذلك اياما وأياما حتى ظهرت النتائج ....
لم يكلف البحث عن إسمها على الصفحات وقتا طويلا ...
فقد كان إسماَ تتوجه علامة 100 %

...... ءآمنت بك ربي ....

إنها لا تعمى الأبـــــــــصار ,, ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ..


هناك 3 تعليقات:

  1. أفراح ميرغني28 أبريل 2012 في 5:40 م

    والله لقد تقطع قلبي حزنا ولكن ليس عليها ولكن بل علي نفسي هكذا أنا ولم أعرف نفسي حتي الأن ،جزاك الله عنا الف خير

    ردحذف
  2. بسم الله الرحمن الرجيم لا يسعني الا ان اتعجب من انفسنا فلقد و هبنا الله نعما حرم منها اخرين وننظر و نري ان الذين حرموا منها هم المنعمون و نحن المحرومون . فمن اعظم النعم بصيره القلب.فالاهم هب لنا بصيره في القلب اتعجب من مبصر لم يري كتاب الله ويري الدنيا وكانها اخرته . هذه القصه احزنت قلبي و ادركت اننا نحن نعيش اموات في هذه الدنيا لا جدوي و لا نفع لنا فيها سواء لغيرنا او حتي لانفسنا

    ردحذف

أضف تعليقك...لتقدم خطوات